أما بعد حمد الله على آلائه, والصلاة والسلام على محمد وآله, فإن من أحب الله أحب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم, ومن أحب النبي العربي أحب العرب, ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب.
ومن أحب العربية عُنىِ بها, وثابر عليها, وصرف همته إليها, ومن هداه الله للإسلام وشرح صدره للإيمان وآتاه حسن سريرة فيه – أعتقد أن محمدا خير الرسل, والإسلام خير الملل, والعرب خير الأمم, والعربية خير اللغات والألسنة.
والإقبال على تفهمها من الديانة, إذ هي أداة العلم ومفتاح التفقه في الدين, وسبب إصلاح المعاش والمعاد, ثم هي لإحراز الفضائل, والاحتواء على المروءة وسائر أنواع المناقب, كالينبوع للماء.
ولو لم يكن في الإحاطة بخصائصها والوقوف على مجاريها ومصارفها والتبحر في جلائها ودقائقها إلا قوة اليقين في معرفة إعجاز القرآن وزيادة البصيرة في إثبات النبوة الذي هو عمدة الإيمان, لكفى بهما فضلا يحسن فيهما أثره ويطيب في الدارين ثـمره.
ولما شرفها الله تعالى – عز اسمه- وعظمها, ورفع خطرها وكرمها, وأوحى بها إلى خير خلقه, وجعل لسان أمينه على وحيه, وأسلوب خلفائه في أرضه, وأراد بقائها ودوامها حتى تكون في هذه العاجلة لخيار عباده, وفي تلك الآجلة لساكني دار ثوابه, قيض لها حفظة وخزانة من خواص الناس وأعيان الفضل وأنجم الأرض, فنسوا في خدمتها الشهوات, وجابوا الفلوات, ونادموا لاقتنائها الدفاتر, وسامروا القماطر والمحابر, وكدوا في حصر لغاتها طباعهم, وأسهروا في تقييد شواردها أجفانهم, وأجالوا في نظم قلائدها أفكارهم, وأنفقوا على تخليد كتبها أعمارهم.
في ازدياد العلم إرغام العدا وجمــال العلم إصـــلاح العمــل
لا تقل قد ذهبــت أربابـــه كل من سار على الدرب وصــل
علوم العربية كثيرة ومتنوعة، وقد عدها علماء العربية، وهي اثنا عشر علما، وهي:
1- علم اللغة.
2- علم التصريف.
3- علم النحو.
4- علم المعاني
5- علم البيان.
6- علم البديع.
7- علم العروض.
8- علم القوافي.
9- علم قوانين الكتابة.
10- علم قوانين القراءة.
11- علم إنشاء الرسائل.
12- علم المحاضرات والتاريخ.
قال العلامة السجاعي في حاشيته على "قطر الندى":
"والعربية منسوبة للعرب، وهي علم يحترز به من الخلل في كلام العرب، وهو بهذا المعنى يشمل اثنى عشر علما، جمعها بعض أصحابنا في قوله:
صرف بيان معاني النحو قافية ... شعر عروض اشتقاق الخط إنشاء
محاضرات وثاني عشرهــا لغــة ... تلك العلـــوم لهـــــا الآداب أسماء
ونظمها الأديب أحمد الهاشمي فقال:
نحو وصرف عروض ثم قافية ... وبعدها لغة قرض وإنشــــاء
خط بيان معــــان مع محاضرة ... والاشتقاق لها الآداب أسماء
وأصول وأركان العربية: ستة علوم:
"اللغة، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والأدب".
قال ابن خلدون في "مقدمته":
"أركانه –اللسان العربي- أربعة وهي اللغة والنحو والبيان والأدب، ومعرفتها ضرورية على أهل الشريعة إذ مآخذ الأحكام الشرعية كلها من الكتاب والسنة، وهي بلغة العرب، ونقلتها من الصحابة والتابعين عرب، وشرح مشكلاتها من لغاتهم فلابد من معرفة العلوم المتعلقة بهذا اللسان لمن أراد علم الشريعة.
قال العلامة الجاربردي في حاشيته على "الشافية":
"وعلوم الأدب علوم يحترز بها عن الخلل في كلام العرب لفظا أو كتابة، وهي ما صرحوا به اثنا عشر، منها أصول، وهي العمدة في ذلك الاحتراز، ومنها فروع.
أما الأصول: فالبحث إما عن المفردات من حيث جواهرها وموادها؛ فعلم اللغة، أو من حيث صورها وهيئاتها؛ فعلم التصريف، أو من حيث انتساب بعضها إلى بعض بالأصالة والفرعية؛ فعلم الاشتقاق.
وأما عن المركبات على الإطلاق: فأما باعتبار هيئاتها التركيبية، وتأديتها لمعانيها الأصلية؛ فعلم النحو، أو باعتبار إفادتها لمعان مغايرة لأصل المعنى؛ فعلم المعاني، أو باعتبار كيفية تلك الإفادة في مراتب الوضوح؛ فعلم البيان.
وأما عن المركبات الموزونة:فأما من حيث وزنها؛ فعلم العروض، أو من حيث أواخر أبياتها؛ فعلم القافية،وأما الفروع: فالبحث فيها إما أن يتعلق بنقوش الكتابة؛ فعلم الخط، أو ما يختص بالمنظوم؛ فالعلم المسمى بقرض الشعر، أو بالمنثور؛ فعلم الإنشاء، أو لايختص بشيء منها؛ فعلم المحاضرات ومنه التواريخ.