حد اللحن:
قال الجوهرى (393 ه) " اللحن: الخطأ فى الإعراب, يقال: فلان لحان ولحانة, أى كثير الخطأ, والتلحين:التخطئة "
وعد بعضهم التصحيف أيضاً من اللحن بل هو أشده.
قال المناوى (1031 ه ) " اللحن: صرف الكلام عن سننه الجارى عليه, إما بإزالة الإعراب أو التصحيف, وهو المذموم, وذلك أكثر أستعمالاً"
حكمه الشرعى:
اللحن يخدش المتكلم, ويحقر المنزلة, ويسفه الواقع فيه, وقد جاء فى الشعر
النحو يبسط من لسان الألكن
والمرء تكرمه إذا لم يلحن
وقد اجتهدت فى أن جمع أقوال العلماء فى حكمه الشرعى, فوجدت أنه يمكن تقسيم الحكم فيه بالنظر فى حال اللاحن أولاً, وفى ما لحن فيه ثانياً, وهذا بيان ذلك بالتفصيل:
1- إن كان اللاحن من العوام نبه على خطئه اللغوى بلطف وعلم الصواب, وأصل ذلك ما جاء عن أبى الدرداء (رضى الله عنه) قال: " سمع النبى (صل الله عليه وسلم) – رجلاً قرأ فلحن فقال رسول الله (صل الله عليه وسلم) " أرشدوا أخاكم" , وواضح من الحديث أن الرجل كان جاهلاً غير متصدر فى شئ من أمور الشأن العام.
-" المستدرك على الصحيحين ": (3643) قال الحاكم: " صحيح الإسناد ولم يخرجاه " وقال الذهبى فى تلخيصه: صحيح, وإنفرد الألبانى فى " السلسلة الضعيفة": 2/315 وسيعاد تخريجه فى الأربعين بتعليق أكبر.
والتعزيز يبدأ بالتوبيخ, وقد يصل إلى الضرب والحرمان من المال, بل والطرد من الوظيفة العامة, وقد مر بيان ذلك, ولا ضير فى إعادته هنا.
والدليل فى المسألة ما رواه مسلم (261 ه) بسنده عن عدى ابن حاتم (رضى الله عنه) ( أن رجلاً خطب عند النبى (صل الله عليه وسلم) فقال: من يطع الله ورسوله, فقد رشد, ومن يعصهما, فقد غوى, فقال رسول الله (صل الله عليه وسلم) : بئس الخطيب أنت, قل: ومن يعص الله ورسوله) " "،وفى رواية أخرى لأبى داود: (قم – أو اذهب- بئس الخطيب أنت )" ", فعزره بالتوبيخ والطرد.
وجاء عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه ! أنه عاقب بعض الكتبه بالجلد لخطئهم فى لغة رسائل الدولة, فروى أنه كتب كاتب يعمل لأبى موسى الأشعرى (رضى الله عنه) إلى عمر بن الخطاب كتاباً فيه خطأ نحوى ظاهر, إذ رفع ما حقه الجر قال الحافظ البيهقى (458 ه ): فكتب إليه عمر: أن اجلد كاتبك سوطاً " , وفى رواية أنه ضم إلى عقوبة الجلد – وهى عقوبة بدنية- عقوبة مالية قال :" فأضرب كاتبك سوطاً واحدا, وأخر عطاءه سنة" "
وجاء فى رواية ابن الأبار (658ه) : أن اضربه خمسين سوطاً, واعزله عن عملك " " فجمع مع الضرب العزل عن العمل.
فسلامة اللغة هنا متصلة بهيبة الدولة وهويتها, ومعرفة الحقوق وتدوينها, ولهذا قالو عن صفات القاضى : " ينبغى للقاضى أن يكون عالماً بما لابد منه من العربية وأختلاف معانى العبارات لأختلاف المعانى بأختلاف العبارات فى الدعاوى والإقرار والشهادات" "
-" المسند الصحيح ": (48-(870).
-" سنن أبى داود" : (1101). وسيأتى تخريجه فى الأربعين مرة أخرى, لا طراد منهج التخريج هناك
- شعب الأيمان" : 3/211 سبقت الإشارة إليه فى ص 39 من هذا الكتاب, وأقتضى المقام إعادته.
-"مراتب النحويين" : 5.
-"إعتاب الكتاب" 126
7-"مواهب الجليل فى شرح مختصر خليل" 6/96
فيرفع المنصوب, أو ينصب المرفوع فقد وقع فى الحرام, ووجب عليه الإستغفار, فقد أدخل العلماء هذا اللحن فى الكذب المتعمد عن النبى (صل الله عليه وسلم ) – فروى البخارى بسنده عن المغيرة- رضى الله عنه ! قال: ( سمعت النبى (صل الله عليه وسلم) يقول: إن كذباً على ليس ككذب على أحد, من كذب على متعمداً, فليتبوأ مقعده من النار) فرسول الله أفصح الناس لساناً, وأبعدهم عن اللحن.
قال الحافظ العراقى (806 ه) فى ألفيته الحديثية" ":
وليحذر اللحان والمصحفا
على حديثه بأن يحرفا
فيدخلا فى قوله : من كذبا
فحق النحو على من طلبا
8-الجامع المسند الصحيح(1291).
- ألفية العراقى المسماه ب التبصرة والتذكرة فى علوم الحديث ": 149.